روي أن رجلاً جلس تحت شجرة من النخيل ثم استلقى على ظهره فإذا به يرى عصفوراً بفمه ثمرة من نخلة مثمرة إلى أخرى غير مثمرة ، ثم رأى هذا العمل يتكرر فعجب لذلك وقال في نفسه : لأصعدن هذه النخلة لأتبين الأمر ، فصعد فإذا به يرى داخل سعف النخلة حية عمياء فاتحة فمها والعصفور يلقي بالثمر في فمها ، فعجب من ذلك وقال : صدق الله حيث يقول : "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " .
– ويحكى أن ابن أبشاذ النحوي كان يوماً على سطح جامع مصر وهو يأكل شيئاً وعنده ناس فحضرهم قط فقدموا له لقمة فأخذها في فمه وغاب عنهم ثم عاد إليهم ، فرموا له شيئاً آخر ففعل كذلك وتردد مراراً وهم يرمون له وهو يأخذه ويغيب ثم يعود من فوره حتى عجبوا من ذلك القط ، وعلموا أن مثل هذا الطعام لا يأكله وحده لكثرته فلما شكوا في أمره تبعوه فوجدوه يصعد إلى حائط في سطح الجامع ، ثم ينزل إلى موضع تجاه بين خراب وفيه قط آخر أعمى وكل ما يأخذ من الطعام يحمله إلى ذلك القط ويضعه بين يديه وهو يأكله . فعجبوا من تلك الحال فقال ابن أبشاذ : إذا كان هذا حيوان أخرس قد سخر الله له هذا القط وهو يقوم بكفايته ولم يحرمه الرزق فكيف يضيع مثلي . فسبحان الله الرحمن الرحيم